|
#1
|
|||
|
|||
فاعل الخير
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا ماتَ الإنسانُ انقطعَ عملُه إلَّا من ثلاث: صَدَقَةٍ جاريةٍ وعلمٍ يُنْتَفَعُ به ووَلَدٍ صالحٍ يدعو له". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَه. يعني رسولُ الله العَمَلَ الذي يثابُ عليه. الأعمالُ التي يثابُ عليها الإنسانُ تنقطعُ بموتهِ باستثناء هذه الثَّلاثة. في (صحيحِ البخاريِّ) ما نصُّه: "بابُ إثمِ مَنْ دَعَا إلى ضَلالةٍ أو سَنَّ سُـنَّةً سَيِّـئَةً لقول الله تعالى: {ومنْ أَوْزارِ الذينَ يُضِلُّونَهُمْ بغيرِ علم} [النحل/25]"ا.هـ. وقال النَّوَوِيُّ في (شرحِ صحيحِ مسلم): " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَـنَةً كانَ له مثلُ أجرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بها إلى يومِ القيامة. ومَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّـئَةً كانَ عليه مثلُ وِزْرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بها إلى يومِ القيامة. ومَنْ دَعَا إلى هُدًى كانَ له مثلُ أجورِ تابعيه. ومَنْ دَعَا إلى ضَلالَةٍ كانَ عليه مثلُ ءاثام تابعيه. سواءٌ أكانَ ذلكَ الذي دَعَا هو الذي ابتدأهُ أَمْ كانَ مسبوقًا إليه". وعن أبي هريرةَ عن رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "مَنْ دَعَا إلى هُدًى كانَ له من الأجرِ مثلُ أُجُورِ مَنْ تَبِـعَهُ لا يَنْقُصُ ذلكَ من أُجُورِهم شيئًا. ومَنْ دَعَا إلى ضَلالَةٍ كانَ عليهِ من الإثم مثلُ ءاثامِ مَنْ تَبِـعَهُ لا يَنْقُصُ ذلكَ من ءاثامِهم شيئًا". رَوَاهُ مسلمٌ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَه. حديثُ رسولِ الله الذي رَوَاهُ مسلمٌ في (صحيحهِ) والتِّرْمِذِيُّ في (سُننه): "مَنْ دَلَّ على خَيْرٍ فله مثلُ أجرِ فاعلهِ" معناه أنَّ مَنْ دَلَّ غيرَه على فعلٍ حَسَنٍ فله أجرُ الدِّلالَةِ وله ثوابٌ يشبهُ ثوابَ الفاعلِ. وليسَ معناه أنه ينالُ من الثَّوَابِ مثلَ ما فعلَ الفاعلُ على التَّمامِ من جميعِ الوُجُوه. كذلكَ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم في سورة الإخلاص: "والذي نفسي بيدِه إنها لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القرءان". معناه: مَنْ قرأَ سورةَ الإخلاصِ قراءةً صحيحةً بنيَّةٍ صحيحةٍ يحُوزُ ثوابًا يشبهُ ثوابَ مَنْ قرأَ ثُلُثَ القرءان. وليسَ معناه أنه يحُوزُ من الفضيلةِ ما حَازَهُ قارئُ ثُلُثِ القرءان من جميعِ الوُجُوه. وكذلكَ حديثُ رسولِ الله الذي رَوَاهُ مسلمٌ في (صحيحهِ) والنَّسَائِيُّ في (سننهِ): "مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فلهُ أجرُها وأجرُ مَنْ عَمِلَ بها بعدَه من غيرِ أنْ يَنْقُصَ من أجورِهم شيء". فإنَّ معناه أنَّ المسلمَ إذا سَنَّ سُنَّةً حَسَـنَةً فعَمِلَ بها مِنْ بعدِه شخصٌ ءاخَرُ مسلمٌ فإنَّ الأَوَّلَ الذي سَنَّ هذه السُّـنَّةَ الحَسَـنَةَ ينالُ ثوابًا يشبهُ ثوابَ المُقَلِّدِ. وهكذا ما كانَ مثلَ ذلك. قال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلَّم: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حَسَنَةً فلهُ أجرُها وأَجْرُ من عَمِلَ بها بعدَه مَنْ غيرِ أَنْ يَنْقُصَ من أُجُورِهم شيء. ومَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً سَيِّئَةً كانَ عليه وِزْرُهَا ووِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها منْ بعدِه منْ غيرِ أَنْ يَنْقُصَ منْ أَوْزارِهم شيء". رَوَاهُ مسلمٌ والنَّسَائِيُّ. حديثُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَنْ فَطَّرَ صائمًا فلهُ مثلُ أجرِه" معناه أنَّ مَنْ فَطَّرَ صائمًا لوَجْهِ الله فإنه ينالُ ثوابًا عظيمًا يشبهُ ثوابَ الصَّائم. وليسَ معنى الحديثِ أنَّ مَنْ فَطَّرَ صائمًا ينالُ مثلَ أجرِه على التَّمَامِ من جميعِ الوُجُوهِ. الصَّائمُ، في شهرِ رَمَضَانَ، يكونُ صائمًا فرضًا، والذي يُفَطِّرُهُ يَكُونُ عَمِلَ نَفْلًا. ومعلومٌ أَنَّ الفَرْضَ لا يساوي النَّفْلَ. ثوابُ الفَرْضِ أعظم. وإذا لحَظْنَا أنَّ فَرْضَ العينِ ثوابُه أعظمُ من ثواب فرضِ الكفايةِ وأنَّ ثوابَ فرضِ الكفايةِ أعظمُ من ثواب النَّفْلِ سَهُلَ علينا فَهْمُ المرادِ من حديثِ رسول الله: "مَنْ دَعا إلى هُدًى كانَ له من الأجرِ مثلُ أجُورِ مَنْ تَبِـعَه". معناه له أجرُ الدِّلالة. معناه ينالُ أجرًا عظيمًا يشبهُ ثوابَ الفاعل. وليسَ معناه أنَّ الدَّالَّ على الخيرِ ينالُ مثلَ أجرِ الفاعلِ على التَّمَامِ من جميعِ الوجوه. كذلكَ حديثُ رسول الله: "قُلْ هو الله أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القرءان". معناه أنَّ الذي يقرأُ سورةَ الإخلاصِ ينالُ أجرًا عظيمًا يشبهُ أجرَ مَنْ قرأَ ثُلُثَ القرءان. وليسَ المرادُ أنه ينالُ مثلَ أجرِ مَنْ قرأَ ثُلُثَ القرءانِ على التَّمام. وأمَّا قولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلام: "مَنْ جَهَّزَ غازِيًا في سبيلِ الله فقد غَزَا". فإنَّ الذي يجَهِّزُ الغازيَ وقتَ الضَّرورة، في حال وجوبِ الغَزْوِ، يحوزُ أجرًا مساويًا لأجرِ الغازي على التَّمامِ لأنَّ هذا فَرْضُ كفايةٍ وهذا فَرْضُ كفايةٍ والرَّسُولُ ساوى بينَهما في هذه الحال. فلولا أنَّ المُجَهِّزَ جَهَّزَ الغازيَ لمَا تمكَّن الغازِيْ من الغَزْوِ. لكنْ لِيُعْلَمْ أنَّ المُجَهِّزَ لا يكونُ شهيدًا لمجرَّد التجهيز. وأمَّا الغازي في سبيلِ الله فإنه إنْ ماتَ في المعركة مخلِصًا نيَّـتَه لله تعالى فهو شهيد. حديث: "مَنْ جَهَّزَ غازِيًا في سبيل الله فقد غَزَا" متَّفقٌ عليه. |
|
|