#1
|
||||
|
||||
اعتراف منتصف أيلول
داخلي زحمة كلام وندم
هل أعترفُ لك بمقدارِ الآسى الذي أحملهُ فوق كاهلي وأمشي في بلادٍ ترجمني بوابلٍ من الشتائمِ والنعوات لم أجد خيطُ سرابٍ يدلّني على فسحةٍ للهروب متعبٌ أنا من نفسي وأنفاسي من حجرةٍ مركونةٍ داخلي تنبضُ حنيناً لأيّ شيء ويتدفقُ الدمُ مِنها إلى كلّ جانب لم أكنٌ لأرثوكِ لو أنني قادرٌ على الهجاء تثورُ عليّ اللغة كلّما حاولت شفاهي النطقُ بأيّ حرفٍ يكادُ أن يجرحكِ فأعيدُ حرفي إلى غمدهِ لئلا أقتلُ نفسي خطأ كم مرةً سأموتُ منكِ وأموتُ فيكِ وأموتُ معكِ وأموتُ بعدكِ وأموتُ لأجلكِ وأموتُ بسببكِ كَذب من قال أن الموت واحد مهما تعددت الأسباب نخزةُ دبوسٍ وبعدها تستريح طعناتُ سيفكِ ما استنثى ركنٌ من جسدي انزفُ وتصل روحي إلى سقفِ الغرفة ولا تغادرها لو أن السماءَ كانت أقربُ من عصفورٍ يحلقُ بعيداً لكانت روحي عبرت مبتغاها دونما رادعٌ أو مانعٌ يدفعها للرجوع شقيٌ أنا مذ ولدتني أمي في منتصف أيلول في صباحِ يومٍ ضبابي .. زوروا شهادةَ الميلاد وما استطعت الانفكاك من لعنةٍ تُطاردني إلى الآن أشتهي البكاء منذُ الصرخة الأولى لما يتلو لحظة الولادة زماني يبكي عني ويشتمني كلما يممتُ وجهي شطر البيت القديم "تُرى كيف أَضعتَ عُمرك العشرون في الفراغ" ولم أكسب إلا الفراغ المتتالي على حساب فاتورة التقويم هويتي تصارعني وتصرعني عند حواجز التفتيش وترغمني على النزوح والتنقل كلما أتسعت البلاد لنازح جديد وتطردني من المخيم كلما شحّ الماء وثارت الأنفس عطشى لسقية حنين يشنقني غبار المدينة ورائحة القمامة وباب العمارة رقم أربعة وعشرون وموقف الباص وإشارة المرور وسيارات البوليس وزحمة المارة والشارع الذي لا يخلو من حفرٍ متتالية والرصيف من الجانبين وباب الجامعة والحراس والمفتشين والقاعة والسبورة وحضرة الاستاذ الجامعي والمقاعد المتراصفة وطلاء الجدران والنوافذ الزجاجية والمدافئ المعطلة وأزيز الأصوات التي تدوي المكان وتشعرني بصخبٍ واجع والصمتُ الذي ينتابني ونظرة صديقي إلي محلقاً فوق غمامةٍ سوداء تشتهي البكاء والسؤال الذي يجول براسي إلى أين تسافر؟ يهزُمني الغبار على سكك الرحيل وشهقة أمي خوفاً عليّ على باب أيلول إلى أين ترحل يابني إلى بلادٍ لا تكون عذابي يهزمني الغبار كلما أشتد عصبَ الرحيل يكنسني على درب الزمان الفوضوي يبعدني عن ذكرياتي وأصوات الأحبّة في داخلي المنكسر يشرد جوارحي خارج أسوار العمر الضيق يكنسني الغبار فوق سفحٍ من الأحزان يلصقني بأوجاعي الصغيرة والكبيرة يحرق ماضٍ لا يعود يبعثر مستقبل لا يأت ويتركني على نفسي محاصراً بحاضرها ونفسي المتكئة على جدار من الموت والنزوح من فرطِ التعب |
الكلمات الدليلية |
أيلول, منتصف, اعتراف |
|
|