أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-04-2010, 12:25 PM
الصورة الرمزية يوسف
يوسف غير متواجد حالياً
 مراقب عـام
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: مصر
المشاركات: 347
يوسف is on a distinguished road
افتراضي زويل وعبد الناصر

د. زويل: عبدالناصر كان وطنياً.. لكنه ضيع فرصة بلاتينية لنشر الديمقراطية فى الدول العربية

اعداد : يوسف زويل

عندما يتحدث العالم المصرى الأمريكى أحمد زويل على شاشة قناة دريم، فإن التوقعات بهوية المُحاور لا تخرج عن اثنين، إما المذيعة منى الشاذلى التى استضافته فى برنامجها «العاشرة مساءً» مرتين من قبل، أو الصحفى أحمد المسلمانى مقدم برنامج «الطبعة الأولى» الذى سبق له أيضاً استضافة زويل فى برنامجه،
إلا أن حلقة أمس الأول على قناة دريم خالفت التوقعات بعض الشىء حين فوجئ المشاهدون بالإعلامى محمود سعد يقدمها مع منى الشاذلى. وعلى مدار ثلاث ساعات وأربعين دقيقة، قدم الاثنان حلقة من امتع ما يكون مع هذا العالم، حتى لتظن أنه الظهور الأول له على الشاشة، متنقلاً فى الحديث بين قصة اختياره ضمن المجلس الاستشارى العلمى للرئيس الأمريكى «أوباما»، وأسباب رحلته فى المنطقة التى بدأت منذ عدة أسابيع كأول مبعوث علمى أمريكى للشرق الأوسط،
مؤكداً الفارق بين مشروعه العلمى لمصر الذى دعا له منذ نحو ١٢ عاماً وبين ما تطرحه الإدارة الأمريكية، متحدثاً عن عام ٢٠٠٩ الذى يراه من أكثر الأعوام العلمية إثارة فى حياته بعد توصله للميكروسكوب رباعى الأبعاد، مؤكداً أن السير فى الزمن ممكن رغم ما يواجه ذلك من صعوبات، عارضاً تخوفه على مستقبل العالم العربى فى السنوات الخمسين المقبلة، مشدداً على أنه دون نهضة مصرية تقود هذا العالم، فلن تتحقق قوته العلمية فى المستقبل.
■ هل تحصل على أجر كبير من عملك مستشاراً علمياً للرئيس الأمريكى؟
- إطلاقاً، وهذه فرصة لشرح حقيقة الأمر، فأنا لا أحصل على أجر عن تلك المهمة وعندما أذهب للبيت الأبيض لابد أن أدفع قيمة غذائى، فالرئيس الأمريكى لا يملك أن يدعونى للغداء، أدفع ١٠٠ دولار حتى لا يحدث أى خلط بين مهمتى ووجودى هناك. والرئيس أوباما لا يستطيع أن يدفع لأحد.
■ هل هناك علاقة بين مشروعك الخاص ببناء قاعدة علمية فى مصر ومهمتك كمبعوث علمى أمريكى للشرق الأوسط؟
- لدينا مشروع قومى فى مصر وأنا حريص على تكوين قاعدة علمية تكنولوجية على المستوى العالمى، وهذا لم يبدأ اليوم ولكننى بدأته مع الدكتور الجنزورى قبل حصولى على جائزة نوبل، ولكن حدثت مشاكل بيروقراطية أعاقت إكماله. وبعد حصولى على نوبل اتصل بى الرئيس مبارك وهنأنى فطلبت منه لقاءه للحديث عن البحث العلمى فى مصر، وهو ما حدث، وتعاملت فى المشروع مع الدكتور عاطف عبيد، ولكن حتى عام ٢٠٠٧ لم يحدث أى شىء جاد، واتصل بى دكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى، لتجديد الأمر وقلت له إننى على استعداد لأن أكون عضواً فى المجلس الأعلى للعلوم بشرط أن نبدأ،
فمنذ عام ٢٠٠٧ وحتى يومنا هذا لم يحدث تقدم ولكننى مُصر على تنفيذ الحلم. أما قصة لختيارى ضمن مجلس المستشارين العلميين للرئيس الأمريكى فقد بدأت فى أبريل الماضى حين اتصل بى البيت الأبيض لإبلاغى أن الرئيس الأمريكى يبحث عن شخصيات علمية للعمل معه كمستشارين من خارج الحكومة لمنحه أفكاراً جديدة، على سبيل المثال معى فى هذا المجلس رئيس شركة جوجل، وشخصيات فى الدفاع القومى، وآخرون فى علوم الفضاء.
■ قالوا عنك فى التعريف الذى جاء فى خطاب اختيارك لشغل هذا المنصب: «هو مصرى أمريكى واسع الاحترام ليس فقط لعلمه ولكن لأنه صوت العقل والمنطق».
- هم يبحثون عن شخصيات تساعد الفكر الجديد، وأنا مهتم على مدار السنوات العشرين الماضية ليس بالعلم فقط ولكن بالبشرية كلها، خصوصاً فى مصر وهم يعرفون ذلك وقلته للرئيس الأمريكى أوباما فى لقاءات ناقشنا فيها قضايا عالمية خاصة بأمريكا لكن ذات تأثير على العالم كله. وعندما جاء الرئيس أوباما وألقى خطابه فى جامعة القاهرة سعدت لأنه تكلم عن هذه الرؤية وعما قدمه المسلمون للعلم والتكنولوجيا فى أمريكا، وأوضح أنه يريد أن يرسل مبعوثين للشرق الأوسط والعالم الإسلامى لبحث نشر العلم،
وبعد عودته اجتمع بالمختصين وطلبوا منى أن أساعد فى منطقة الشرق الأوسط، ولو لم تكن هناك قاعدة علمية من الأساس فلا يمكن تحقيق شىء. أمريكا تستطيع أن تساعد فى الناحية العلمية عبر إرسال خبراء وأجهزة تكنولوجية متطورة واستقبال بعثات. وأقولها إننا لن نستطيع تكوين علم على أساس راقٍ إلا من خلال علاقة مع تلك الدول لكن يجب التركيز على المشروع القومى العلمى المصرى.. وكونى مستشاراً للرئيس الأمريكى فهذا لا علاقة له بهذه الجزئية.
■ قلت إن المشروع لن تقدمه أمريكا إلا للدول التى تمتلك قاعدة علمية؟
- نعم لابد أن يكون هناك استعداد فى البلد لبناء قاعدة علمية من أجل مستقبل أولادنا، أستطيع أن أذكر بلاداً عديدة يقوم كل اقتصادها على التكنولوجيا المتقدمة، على سبيل المثال كنت فى تركيا وحتى بداية القرن العشرين كانت دولة زراعية، والآن هم يفخرون بتراجع العامل الزراعى وتقدم العامل الصناعى.
■ التقيت رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان.. ما الذى جرى فى اللقاء؟
- هناك شخصيات فى حياتى تشكل نقاطاً فعالة أعتقد أننى سأكتب عنها فى يوم من الأيام، لأنها تمتلك الرؤية والبصيرة لبلادها، ورجب أردوغان واحد من هؤلاء.. استمر لقائى به على مدى ساعة ونصف، وهو رجل واسع الأفق ولديه خلفية رائعة، فقد درس فى الدين والقانون وعمل عمدة لإستانبول، وأول شىء فعله بعد توليه منصب رئيس الوزراء هو النظر فى ما ينفق على التعليم والبحث العلمى فى تركيا، ورأى أنه ضئيل للغاية وقرر مضاعفة الإنفاق على هذا المجال ١٠ مرات ليصل إلى ١% من ميزانية تركيا.. يريد أن يصل به مع نهاية ولايته إلى ٢% مثل أمريكا وأوروبا.
الأتراك بنوا مدينة للمعرفة، اشترك فيها القطاع الخاص وهى الفكرة التى كنت طرحتها فى مصر منذ سنوات، أخذوا مدينة خارج أنقرة وأنشأوا مؤسسة علمية، وقام رجل أعمال تركى بوضع ثروته كلها فى تلك المؤسسة بشرط ألا يكون للحكومة أى دخل فيها، وبدأت الحكومة التركية فى ذات الوقت إنشاء مؤسسات علمية يُعفى المواطن المشارك فيها من سداد الضرائب. وقد نجح مجلس الأمناء فى الوصول برأسمالها إلى ٢ مليار دولار لأنه كانت لديهم صناعات وأعمال فى المقاولات والتشييد.. وهم الآن يتولون بناء مطار الدوحة الدولى فى قطر..
بمعنى أنهم قرروا إعفاءً ضريبياً لبناء القاعدة العلمية فى تركيا وقد التقيت هناك شباباً رائعاً من أعضاء هيئة التدريس، وشاهدت ما قدموه من أبحاث علمية.. خلال ١٠ سنوات صارت تركيا على الخريطة العلمية.
■ كيف تتكلم بهذا الهدوء، فيما يشعر الكثيرون بالحنق على أننا لم نحقق ما بدأته تركيا؟
- أنا متفائل وقلت هذا فى أغسطس الماضى بمكتبة الإسكندرية، فمن خلال دراستى للتاريخ ومن رؤيتى الخاصة وما اكتسبته فى حياتى، أقول إن أهم عامل لنهضة الأمم هو الطاقة البشرية، ومصر غنية بالكنوز، وأرفض ما يقال إن علماءنا لا ينجحون إلا فى الخارج.
■ إذاً البشر ليسوا عبئاً على الدولة كما يقول البعض؟
- لا لكننا لا نعرف كيف نستغلهم. كثيراً ما أسمع ما يتردد عن المثقفين وتراجع دورهم فى مصر ولكن هناك صحوة أدبية وصورة رائعة مثل فاروق جويدة فى الشعر، وعلاء الأسوانى وبهاء طاهر والغيطانى فى الرواية، وأنا أتردد على المكتبات وأزورها مثل مكتبتى الشروق ومدبولى، ووجدت إنتاجاً رائعاً، وفى نفس الوقت ذهبت لمكتبة لن أذكر اسمها ومكثت فيها ساعة لأرى المستوى الثقافى وأعرف ماذا يكتب بقية الناس فوجدت عناوين لكتب غريبة كتبتها،
منها: «مبروك لولو حامل» و«اعمل عبيط» و«الإنسان أصله جوافة». عندما يقرأ الفرد مثل هذه العناوين فلابد أن يشعر أن هناك خطأ ما. مصر فيها كنوز علمية مثل دكتور محمد غنيم ودكتور أحمد عكاشة، حتى الخارجية التى يوجه لها البعض انتقادات فى مستوى أدائها، لكننى أقابل فى أسفارى الكثير من الدبلوماسيين المصريين الرائعين. مصر عظيمة بناسها وأرفض ما يقال عن أننا فى حالة ضياع.. نحن فقط بحاجة لنظام ورؤية.
■ حصلت على نوبل فى الكيمياء الفيزيائية. وأذكر أننا أخذنا فى دروس العلوم فى الثانوى مصطلح «أنتروبى» وكانوا يقولون لنا إنها تعنى ببساطة أن المادة عندما تكون عشوائية المصدر تنتج عنها طاقة ولكن لا يمكن استخدامها. لو طبقنا هذا مع ما يشهده المجتمع الآن بعد الفوز بكأس الأمم الأفريقية فهل نستطيع القول إنها فرحة عشوائية لا يمكن استغلالها؟
- هناك قانون فى الطبيعة يعتبره علماء الفيزياء من أهم القوانين، وهو القانون الثانى، وقبل تعريفه أتحدث عن القانون الأول الذى ينص على أنه عند تحويل طاقة من مادة لمادة فإن الناتج يجب أن يكون متساوياً. بمعنى إذا كان لديك ١٠ جنيهات فلن تستطيع الشراء إلا بهذا المبلغ. أما القانون الثانى وهو من أعظم القوانين التى تحكم الطبيعة، فيرى أن كل شىء له منظومة ومنظم ينتهى إلى فوضى. نكون صغارا ونكبر ونشيخ ثم نموت، ومكعب الثلج ينتهى بالذوبان إذا تركناه.
وقانون الإنتروبى يقول إنه لو لم يتم إيجاد قوة خارجية لأى قوة أخرى ستحدث الفوضى. اللمبة تمنحنا ضوءاً لكن فى حالة فوضى، على عكس الليزر الذى تمت السيطرة عليه، ولذا لا يستطيع الانحراف لأنه يخضع لقانون فينتج قوة خارقة. وعندما قال الشاعر فاروق جويدة إننا بحاجة لحكم عسكرى، ثار البعض ضده، ولكنه كان يعنى وجود كيان حازم لمنع الفوضى. ولذا فالدولة القوية يجب أن يكون بها قانون ودستور ويتم الالتزام بهما. ومن أجمل الأمور التى يمنحها لنا العلم بجانب الاكتشافات أنه يمنحك القدرة على التفكير فى المنظومة الكونية.
ولتحقيق الدولة الحديثة فإنك بحاجة لبعض الأمور «دستور واضح - رؤية - تعليم وثقافة». والتعليم من أهم المشاكل التى تواجه مصر والعالم كله، أما الثقافة فتأتى من إعلام جيد ومؤتمن يكون له هدف واضح. وأرى أن الإنسان لكى يكون مثقفا فعليه أن يتسلح بثقافته وجذوره.
■ ترى أن التعليم يصنع المعجزات ويستطيع أن يقلب كيان بلد فى عدد قليل من السنين؟
- هناك نوعان من التعليم: أكاديمى وثقافى، والتعليم الأكاديمى لا يمنحك فقط المعلومات عن التاريخ والحساب ولكن المفترض أنه يمنحك القدرة على التفكير، لأن ما ندرسه لن يعبر عن كل المشكلات التى نواجهها، لكن لو تعلمنا الأسلوب الصحيح فسيساعدنا على حل ما يطرأ علينا. الآن فى الإعلام أى شخص يمكنه الظهور واعلان فتوى فى أى مجال، ولكن العلم يقول لك اجمع المعلومات وادرسها قبل أن تصدر فتواك. وهذا هو الأسلوب العلمى الذى يؤدى فى النهاية إلى نهضة حياتية.
■ تتكلم عن العلم أم الأخلاق؟
- عن كليهما فعندما يسود الأسلوب العلمى تتحدد الاخلاقيات فى المجتمع، فى الخارج لا أحد يعلو صوته ولا يلقى بالقمامة فى الشارع، لماذا ؟ لأنه تعلم ذلك فى المدرسة.
■ أنت تبسط شرح العلوم إلى حد أنك قدمت شرحاً للحبل الجينى على موسيقى أم كلثوم فى إحدى محاضراتك.. كيف تفعل ذلك؟
- تبسيط العلم ضرورة بشرية، سمعت منذ شهر عن اكتشاف سيسبب نقلة علمية لم يشهدها العالم من قبل، ذات علاقة بالحبل الجينى للإنسان الذى يساعد فى إيجاد تبرير لصفات الإنسان وما يقوم به من تصرفات، والكتاب الجينى الخاص بكل منا يوجد به نحو ٣ مليارات حرف تحدد صفات كل منا، وبات العلماء يعرفون على سبيل المثال الجين المسبب لسواد العين، ولكل منا خريطة جينية تعرف باسم «الجينوم»، وهو ما يساعد على علاج الأمراض بمعرفة الجين المسبب للسرطان على سبيل المثال، ومكان وجوده على الحبل الجينى وبالتالى تستطيع علاجه أو حذفه.
وعندما تم الإعلان عن الجينوم فى عهد كلينتون منذ ١٠ سنوات كانت معرفة الفرد لخريطته الجينية تتكلف أكثر من مليار جنيه، الآن تتكلف عدة آلاف من الدولارات عبر عينة من دمه. والعالم «أريك لاندر» أحد أعضاء المجلس الاستشارى للبيت الأبيض يعمل الآن على اكتشاف المناطق الموجودة على الحبل الجينى وكنا نطلق عليها مناطق فارغة لا تأثير لها، ولكن اكتشف أنها مهمة جداً للظواهر الإنسانية مثل قدرتك على التفكير، والضمير من عدمه.
■ هناك صراع قديم بين علمى الوراثة والاجتماع فى قضية الضمير، هل يتحدد الضمير بالجينات أم بالنشأة والبيئة؟
- يتأثر الضمير بالجينات ولكنه يرتبط بالوعى ولا يتحدد وفقا لجين واحد ولكن عبر أكثر من جين، قد يكون هناك شقيقان لديهما نفس الجينات الوراثية ونفس النشأة ولكن أحدهما عدوانى والآخر متسامح، وهنا تأتى أهمية الخريطة الجينية ودراستها التى لن تمنحنا تفسيرات فقط ولكنها ستحدد حتى طريقة التفكير التى تتبعها. وعبر الخريطة الجينية يمكن معرفة نقاط الضعف فى بعض الشعوب أو نقاط القوة لديها.
■ إذاً لا شىء اسمه الصفات المكتسبة كلها جينات موروثة؟
- هذا سؤال مهم ولكن لو ضربنا مثالاً بشقيقين نشأ أحدهما فى الصحراء والآخر فى مدينة، فإنه ورغم الجينات الوراثية لديهما فإن كلاً منهما سيتأثر بالبيئة التى نشأ فيها، حتى التلوث له تأثير على الفرد.
■ هل نستطيع التأثير على الجينات؟
- هناك أبحاث على موضوع التأثير فى الجينات لعلاج الأمراض، مثل ألزهايمر حيث نستطيع تحديد الجين المسبب له من يوم المولد ثم نحقن الجين عبر الخلايا الجذعية أو كيماويات معينة تجبر الجين على عدم النمو.
■ تعاملت مع أطفال فى عمر ٧ سنوات كيف شرحت لهم حديثك؟
- كان هذا بعد حصولى على نوبل شعرت بالقلق لكننى نفذت تجربة ونجحت، أخذت معى كوب ماء ووضعت به مكعب ثلج، وجعلت الساعة تسير وطلبت منهم أن ينظروا للساعة وهى تسير، ويتابعوا مكعب الثلج، بمرور الدقائق تلاشى الثلج وذاب فى الماء، فأخرجت ١٠٠ دولار من جيبى ووضعتها على المكتب وسألتهم من منهم يستطيع العودة بالزمن للوراء لنحصل على مكعب الثلج؟ مانحاً الـ١٠٠ دولار لمن يعرف. بالطبع لم يعرفوا ولكننى نجحت فى جذب انتباههم.
■ أشرت لتعليمك فى الخمسينيات والستينيات وأنه كان أفضل.. هل أنت مع مجانية التعليم؟
- تعلمت فى مصر فى مدرسة حكومية كانت تمنحنا العديد من الخبرات إلى جانب الدراسة، عبر رحلات وممارسة الهوايات، ودعونى أقل إن فطرة عبدالناصر رغم عداء الغرب له جعله يقدم تعليماً جيداً وقومياً ويمنحنا الأمل من خلاله، كان لدينا السد العالى ومفاعل أنشاص. جعلنا نعيش فى مصر البناءة، ورغم أننى سافرت فى نهاية الستينيات إلا أننى كانت لدىّ الفطرة وهى التى جعلت ارتباطى بمصر جينياً،
وأنا استفدت من مصر ليس فقط فى التعليم ولكن فى الأسرة العائلية وأسرة المدينة والأصدقاء والزملاء فى الجامعة ومناقشات الحياة والثقافة فى قطار دمنهور - الإسكندرية، وقتها كان لدينا حلم قومى، لما يكون عندك إرادة لمشروع قومى وشعب مقتنع بك تستطيع أن تبنى أهرامات جديدة. عبدالناصر كأى حاكم له مميزات وعيوب، ولكنه كان وطنياً ونزيهاً وشريفاً وصنع عزة العرب فى تاريخهم الحديث، الشىء الوحيد الذى كنت أتمنى أن يرسيه هو الديمقراطية ليس فى مصر وحدها ولكن فى العالم العربى كله، ولكنه ضيع فرصة بلاتينية لتحقيق هذا الأمر، كان صديق نهرو الذى أسس الدولة الحديثة فى الهند على العلم والديمقراطية.. اليوم الهند ثانى دولة فى العالم فى التنمية والتكنولوجيا.
■ ما هى الدول التى نجحت فى استغلال العلم والتعليم لتحسين ظروفها؟
- الصين تمثل اليوم أكبر معجزة علمية واقتصادية، وقد زرتها مرتين خلال ١٠ سنوات ولا توجد مقارنة بين كليهما، يكفى أن معدل نموها الاقتصادى يتراوح بين ١٠% و١٢% بما يعنى أنها أعلى من أمريكا، اعتمدت فى تحقيق نهضتها على التعليم وباتت تصدر أفضل طلبة الدكتوراه فى العالم، مجموعتى ٥٠% منهم صينيون، وقد اهتمت فى السنوات الأخيرة بالتعليم وأنشأت العديد من المراكز المضيئة للبحث العلمى التى نتلهف فى الولايات المتحدة على من يأتى منها.
■ أيهما يأتى فى البداية إصلاح سياسى وديمقراطية أم ديكتاتورية صاحبة رؤية؟
- هناك ٣ طرق لتحقيق التطور، إما أن تكون لديك ديمقراطية واضحة، الشعب يختار الحاكم الذى قد يكون جيداً أو سيئاً، ولكن الدولة تظل كما هى لأنها دولة مؤسسات، أو ربنا يكرم الأمة بقائد ملهم لا ديكتاتور، لديه رؤية يلهم بها الناس من حوله ويختار أفضل القيادات لتحقيق التنمية مثل تركيا وماليزيا، أو أن تكون أمة محظوظة يأتيها حاكم ملهم يطبق الديمقراطية ويحدد الهدف والرؤية.
■ دعنى أمثل وجهة النظر الحكومية، يقولون إن دكتور زويل يحمل مبادرات براقة لكنه لم يقدم آليات تنفيذها؟
- إذاً هم لم يقرأوا ما قدمت.. لا أريد الدخول فى هذا الموضوع، ولكن فى كتابى «عصر العلم» خصصت الفصل الاخير كله للحديث عن هذا الموضوع. وفى مدينة ٦ أكتوبر حجر أساس للمركز الذى كنت أتمنى إقامته. وأقول إنه لا يمكن إقامة قاعدة علمية بدون تصور أكاديمى محدد وواضح.
وقانون يتم تطبيقه دون بيروقراطية، وبنية أساسية لهذا المشروع العلمى، وكل هذا يمنح الناس الثقة فى مشروع الدولة العلمى من خلال قانون ونظام، لقد سألتهم فى تركيا عن سبب نجاحهم فى صناعة هذا المركز المضىء فأجابونى أن تلك النقطة دفعت عجلة الصناعة،
كما أن ١% فقط من الطلاب الأتراك هم من يذهبون للدراسة بها ويتم انتقاؤهم، أما البقية فتتعلم فى الجامعات الحكومية وهى مميزة هى الأخرى، ويتم عمل دورات فى الصيف لأساتذة الجامعات الحكومية فى المركز العلمى المضىء ليعودوا فى الشتاء ويدرسوا الجديد لطلابهم.
■ العام الماضى دعا الشاعر جمال بخيت لمشروع جامعة العلم ولكن لم يكتمل الموضوع؟
- المصريون يتبرعون ويساهمون ولكن يجب أن يعرفوا أين تذهب أموالهم، مصر ليست فقيرة، والمصريون مستعدون لعمل الكثير لو تم بدقة، ولذا يجب أن يكون هناك قانون يحمى المؤسسة ويحدد أوجه الإنفاق.
■ وأنت ترى العالم العربى عن بعد ما الذى تشعر أنه مقبل عليه؟
- العالم العربى ككل فى وضع صعب، العالم الغربى يضعنا فى سلة واحدة مع الدول الأفريقية. الأمية المعقولة تقدر بنسبة ٣٠% لكن بلداً مثل اليمن الأمية به ٦٠%،
كما أن العالم العربى لا يُذكر على خريطة العالم العلمية، أهم ٥٠ جامعة فى العالم لا يوجد بها جامعة عربية، الوضع السياسى مفكك، لا تجد منتجاً واحداً مستخدماً عالميا يتم تصنيعه فى العالم العربى الذى يبلغ تعداده ٣٠٠ مليون، وتلك هى الطاقة المهدرة. ولا يمكن أن يحدث التغيير فى العالم العربى إلا إذا كانت مصر مركز هذا التغيير لأنها صاحبة الثقل فى هذا العالم ولديها موارد بشرية هائلة.

عن جريدة المصرى اليوم
اليوم 4/2/2010
نقل واعداد :يوسف
رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.10 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
حميع الخقوق محفوظة © لـ منتديات العاشق 2009 - 2022